Skip to content

آية قايين وهابيل

  • by

      كنّا قد اطّلعنا في الدرس الأوّل على آية آدم وحوّاء.  كان لديهما ولدان تصدّيا لبعضهما البعض بشكلٍ عنيف.  إنّها قصّة أوّل جريمة في تاريخ البشريّة.  لكنّنا نريد أيضًا أن نتعلَّم مبادئ عالميّة مــُستَخلَصة من هذه القصّة لإدراك معنى هذه الآية.  لذلك، دعونا نقرأ ونتعلَّم.  (انقرهنا   لفتح الفقرات في نافذة أخرى).

قايين و هابيل:  ابنان وذبيحتان

     تقول التوراة إنّ اسميّ ابنَي آدم وحوّاء هما قايين وهابيل.  قام كلٌّ منهما بتقديم ذبيحةٍ (قرابين) إلى الله، ولكنَّ ذبيحة هابيل فقط هي التي قُبِلَت، بينما لم تلقَ ذبيحة قايين قبولاً.  بدافعٍ من غَيرته، قتل قايين أخاه، لكنّه لم يتمكّن من إخفاء عار جريمته عن الله.  إنّ السؤال المطروح الأكثر أهميّة في هذه القصّة هو لماذا قُبِلَت ذبيحة هابيل في حين لم تُقبَل ذبيحة قايين.  يرى كثيرون أنّ السرّ يكمن في الاختلاف الموجود في شخصيّة الأخوَين.  لكنَّ قراءة متأنّية للقصّة يمكن أن تقودنا إلى التفكير بصورةٍ مختلفةٍ.  يقول كتاب التوراة في تفسيره، إنّ السبب كان الفرق بين الذبيحتين المقدَّمتَين.  قدّم قايين من ‘أثمار الأرض’ (أيّ فاكهةً وخضارًا) في حين قدّم هابيل من ‘‘أبكار غنمه وسِمانِها’’.  وهذا يعني أنّ هابيل قد ضحّى بحيوانٍ ما، مثل خروفٍ أو ماعزٍ من قطيعه.

     نرى هنا تشابهًا بين ما حصل وبين آية آدم.  حاول آدم تغطية عاره بأوراق الشجر، لكنّ الأمر تطلّب جلد حيوانٍ (وبالتالي موته) للحصول على غطاءٍ فعّال.  ليس ثمّة دماء تسري في الأوراق والفواكه والخضروات، وبالتالي ليس لديهم نوعيّة الحياة نفسها التي لدى الإنسان والحيوان.  لم يكن الغطاء المؤلّف من الأوراق التي لا تسري فيها الدماء كافيًا لتغطية آدم، وبالمثل، لم تكن الفاكهة والخضروات التي لا دماء فيها والتي قدَّمها قايين مقبولة.  أمّا قربان هابيل الذي كان يتألّف من ‘أبكار غنمه وسِمانها’ فقد عنى أنَّ دمَ ذلك الحيوان قد سُفِك وسال، تمامًا كدمِ ذلك الحيوان الذي كسا آدم وحوّاء.

 

     ربّما يمكننا تلخيص هذه الآية باستخدام تعبيرٍ تعلّمته وأنا صبيّ:  ‘‘إنّ الطريق إلى الجحيم معبّدةٌ بالنوايا الحسنة’’.  يبدو أنّ التعبير يلائم قايين.  لقد كان يؤمن بالله، وأظهر ذلك عن طريق قدومه ليعبده حاملاً قربانًا كتقدمة.  لكنَّ الله لم يقبل القربان، وبالتالي لم يقبَل قايين.  ولكن لماذا؟  هل كان موقفه سيِّئًا؟  لا يذكر الكتاب المقدّس ذلك في البداية.  يمكن أنّه كانت لديه ربّما حتّى أفضل النوايا والمواقف.  تقدِّم لنا آية آدم والده، فكرةً تساعدنا على معرفة الجواب.  عندما أصدر الله حكمه على آدم وحوّاء، جعلهما فانيَين.  وهكذا كان الموت هو أجرة خطيئتهما.  ثمَّ أعطى الله لهم الآية (العلامة) – الثياب (جلود) من الحيوان التي غطّت عريهم.  ولكنَّ ذلك يعني أنّ الحيوان المعنيّ كان يجب أن يموت.  ذُبِح حيوان وسال الدم ليغطّي عار آدم وحوّاء.  والآن قدّم ولداهما قربانَين، لكنَّ قربان  هابيل فقط (‘أبكار غنمه وسِمانها’) كان يتطلَّب الموت وأن يُسفَك دم الذبيحة ويسيل.  ‘أثمار الأرض’ لا يمكن أن تموت لأنّه لم يكن ‘فيها حياة’ بالطريقة نفسها، وليس فيها دمٌ ليسيل.

 

ماذا تعني الآية بالنسبة إلينا:  سفك الدم وسيلانه

 يعلِّمنا الله درسًا هنا.  لسنا نحن من يقرِّر كيف نقترب من الله.  إنّه هو من يضع المعيار ونحن نقرِّر ما إذا كنّا سنخضع له أم لا.  والمعيار هنا هو أنَّ هناك ذبيحةً تموت، يُسفك دمها ويسيل.  ربّما كنت لأفضِّل أيَّ مطلبٍ آخر لأنّه سيكون بإمكاني حينها أن أقدِّمه من مواردي الخاصّة.  يمكنني أن أقدِّم وقتًا، طاقةً، مالاً، صلواتً، تفانيًّا، ولكن ليس حياةً. لكنّ ذلك – قربان الدم – هو بالضبط ما يطلبه الله.  أيُّ شيءٍ آخر غيره لن يكون كافيًا.  سوف يكون من المثير للاهتمام أن نرى ما إذا كان هذا النموذج سيتكرَّر في علامات النبوءة المتعاقبة، لأنّ ذلك سوف يؤكِّد هذا الاستنتاج.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *